![]() |
ها نحن على مشارف عام دراسى جديد وعلى علمنا شهيد الاستعداد للدراسة والأمنية الغالية |
تأليف : صبري سلامة شاهين
دار بلنسية--- بسم الله الرحمن الرحيمبعد انتهاء أجازة الفصل الدراسى الأول دار هذا الحوار بين الجد والأحفاد ..
الجد: السلام عليكم يا أولاد ... كل عام وأنتم بخير.
الأولاد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... كل عام وأنتم بخير.
الجد: إيه يا أولاد! لقد انتهت الإجازة ودخلتم في أيام الجد والنشاط.
عماد: الحمد لله؛ فكلنا مستعدون للدراسة وتحصيل العلوم.
عبد العزيز: نعم نعم؛ فقد لعبنا كثيرًا وتشوقنا للدراسة.
الجد: وأنت يا ياسر هل هيَّأت نفسك للمذاكرة والدروس مثل إخوانك؟!
ياسر: صحيح يا جدي لقد لعبنا كثيرًا وزرنا أماكن كثيرة ولكن لم نذهب إلى البحر.
الجد: يا ولدي الجو بارد، وفي الصيف – إن شاء الله – تذهبون إلى البحر وتسبحون وتمرحون.
سكت الجد قليلاً، ثم قال:
- المهم يا ولدي أن تكون هيَّأت نفسك لاستقبال هذا الفصل الدراسي بجد ونشاط.
عبد العزيز: نعم يا ياسر؛ فإن مستواك كان ضعيفًا في الفصل الدراسي الأول.
الجد: لا يا ولدي ... لا ينبغي لمسلم غيور أن يكون ضعيفًا كسولاً؛ فالعلم نورٌ وكنزٌ ثمينٌ.
عماد: صدق الشاعر – يا جدي – الذي يقول:
يا جامع العلم نعم الدخر تجمعه
لا تـعــدلــن بــه درًا ولا ذهـبـــا
الجد يتنهد ويقول:
- إيه يا ولدي! لقد ذكرتني بقول الشاعر الآخر:
والعلم يجلو العمى عن قلبه صاحبه
كما يجلي سواد الظلمة القمر
عبد العزيز: لقد أخبرني مدير المدرسة بأن مستوى ياسر ضعيف، وترتيبه الأخير على الفصل.
الجد: لا يا بني الحبيب؛ لابد من الاجتهاد والسعي لتحقيق أحسن النتائج ... لابد من بذل الوسع لنيل الدرجات العلي.
عماد: نعم يا جدي! إن مستوى ياسر ضعيف؛ لأنه لا يهتم بدروسه ولا ينصت لمدرسه ولا يتبع تعاليمه.
عبد العزيز: كما إنه في البيت يلعب كثيرًا ويلهو كثيرًا، ويضيع وقته ولا يذاكر.
الجد: لقد أخبرتك من قبل يا بني بأن الواحد منا سوف يسأل عن وقته وعمره فيم أفناه؟
ياسر: أعدك يا جدي بأني سوف أبذل أقصى ما أملكه من جد ونشاط، وأحقق أحسن النتائج في هذا الفصل، وسوف تسمع عني ما يسعدك.
الجد: قل إن شاء الله يا ولدي ... وهذا ما أرجوه منك وأتمناه لك ولإخوانك المسلمين أود أن أراكم في أحسن حال وفي مراكز مرموقة في علوم الدين وعلوم الدنيا.
سكت الجد قليلاً، ثم قال:
- ليتمنَّ كل منكم أمنية، ويدعو الله أن يحققها له.
عماد: أما أنا يا جدي فأتمنى أن أكون طبيبًا ماهرًا ناجحًا في مهنتي، وأخدم أمتي، وأكون فقيهًا في الدين أعرف حلاله وحرامه.
الجد: بلغك الله مرادك، وهيّأ لك ما ينفعك في دنياك وأخراك، وأنت يا ياسر ماذا تتمنى؟
ياسر: وأما أنا فأتمنى أن أكون مذيعًا لامعًا أو صحفيًا مشهورًا.
الجد: حقَّق الله أمنيتك وأعطاك ما تتمنى، ولكن يا بني لا يكن هدف الواحد منا الشهرة فحسب؛ المهم أن تكون نيتك هي ابتغاء مرضاة الله.
سكت الجد قليلاً، ثم تنهد طويلاً قائلاً:
- هيه يا بني ... هناك أناس مغمورون؛ لا يدري بهم أحد، ومع ذلك يؤدون الواجبات التي عليهم لربهم – سبحانه – ولدينهم وأمتهم.
وأنت يا عبد العزيز ماذا تتمنى أن تكون؟
عبد العزيز: أتمنى أن أكون جنديًا قويًا شجاعًا، ينصر دينه ويدافع عن وطنه وإخوانه.
الجد: أمنية غالية عزيزة نادرة افتقدناها عند كثير من شباب الأمة اليوم.
سكت الجد قليلاً، ثم قال:
- هذه أمنيات طيبة ورغبات عظيمة ومطالب هامة؛ ولكن لا بد من توظيفها لخدمة الدين؛ فكل عمل غير موصول به قد ينفع صاحبه في الدنيا ويُحرم من أجره في الآخرة.
عماد: صدق الله إذ يقول: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا).
عبد العزيز: لقد درست في مادة التوحيد أن الإخلاص هو الذي ينجي العبد من كربات الدنيا ومن عذاب الله في الآخرة.
الجد: اعلموا يا أولاد أن أمنياتكم هذه لا تتحقق إلا بتوفيق الله – عز وجل -، ثم بذل الوسع والجهد في تحصيل العلوم الدينية والدنيوية.
لا بد لكم يا أولاد من نماذج وقدوات تسيرون على طريقتهم ... فمن هو قدوتك يا عماد؟
عماد: والله يا جدي يكفيني أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم. قدوتي ومثلي الأعلى، أسير على منهجه وأقتفي أثره ... والذي يليه حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس.
الجد: وماذا تعرف عن ابن عباس يا ولدي؟
عماد: هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.، وقد صحبه نحوًا من ثلاثين شهرًا، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم. بقوله: «اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين».
الجد: وماذا تعرف عنه أيضًا؟
عماد: لقد أثنى عليه ابن عمر بقوله: هو أعلم الناس بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم. وأثنى عليه علي بن أبي طالب بقوله: إنه لغواص على الهنات. قال فيه معاوية: والله، ابن عباس أفقه من مات ومن عاش.
الجد: هل تذكر يا ولدي موقفًا لابن عباس يدل على حرصه في طلب العلم؟
عماد: نعم يا جدي! لقد حكى عن نفسه فقال: إن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل – أي نائم وقت القيلولة – فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح عليَّ التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله ألا أرسلت إليَّ فآتيك؟! فأقول: أنا أحق أن آتيك فأسألك.
وكان يقول أيضًا – رضي الله عنه: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
الجد: رضي الله عنه؛ لقد كان بحق آية وأعجوبة في العلم والفقه والحرص على الفضائل ... لقد قال يا بني شعرًا بعدما عمي وفقد بصره.
الأولاد في صوت واحد في تعجب:
- عمي وفقد بصره!!الجد: نعم؛ عمي وفقد بصره، ولكنه صبر واحتسب رجاء أن يعوضه الله عنهما الجنة، ولقد قال شعرًا:
إن يأخـذ الله من عينـي نورهما
ففي لساني وقلبـي منهـما نـور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل
وفي فمي صارم كالسيف مأثور
سكت الجد قليلاً ثم قال:
- وأنت يا ياسر، من هو قدوتك ومثلك الأعلى؟
ياسر: وأما أنا فقدوتي ومثلي الأعلى هو شيخ الإسلام ابن تيمية.
الجد في تعجب شديد:
- شيخ الإسلام ابن تيمية!!
ياسر: نعم نعم؛ إنه رجل عظيم.
الجد: ولكن يا بني لم يصل شيخ الإسلام ابن تيمية إلى مكانته هذه إلا بالجد والنشاط والحرص على طلب العلم؛ حتى إنه كان يقرأ في تفسير الآية الواحدة أكثر من مائة تفسير، وكان يذهب إلى المساجد المهجورة يصلي فيها ويمرغ وجهه في التراب ويدعو ربه وهو ساجد فيقول: يا معلم إبراهيم ومحمد علمني.
يسكت الجد قليلاً ثم يقول:
- من منا يا ولدي يصل إلى ما وصل إليه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله ، وماذا تعرف عنه يا ولدي؟
ياسر: بالأمس كنت أقرأ كتابًا صغيرًا من تأليفه «الوصية الصغرى» وقرأت ترجمته فأعجبت به إعجابًا شديدًا، وتمنيت أن أكون مثله.
الجد يتنهد وهو يقول:
- إيه يا بني! لقد صدق الشاعر القائل:
إن لم تكونوا مثلهم فتشبهـوا
إن التـشـبــه بالكـــرام فـــلاحُ
وأنت يا عبد العزيز، بمن تقتدي؟
عبد العزيز: والله يا جدي إن قدوتي لكثير ...
ولا أدري بمن أبدأ.
فهذا حمزة كان يقاتل يوم أُحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين، ويقول: أنا أسد الله.
الجد: إن كان هذا قدوتك فهذا يكفيك.
عبد العزيز: وهذا سعيد بن زيد أحد العشرة قال عنه حبيب بن سلمة: اضطررنا يوم اليرموك إلى سعيد بن زيد؛ فلله دَرُّ سعيد!
ما سعيد يومئذ إلا مثل الأسد.
الجد: وهذا والله يا بني يكفي.
عبد العزيز: والله يا جدي إن نفسي تتشوق إلى أكبر من ذلك.
الجد في تعجب شديد يقول:
- أكبر من ذلك! أي شيء أكبر من ذلك؟!
عبد العزيز: نعم يا جدي؛ أكبر من ذلك؛ إعادة العز والتمكين لأمة الإسلام في الأرض.
إنشاء جيل عظيم يشبه جيل الصحابة.
تخليص المسلمين من الذل والاستضعاف.
الجد: فأين عقبة بن نافع؟ وأين محمد الفاتح؟ وأين صلاح الدين؟ وأين طارق بن زياد؟
عبد العزيز: إن شاء الله يا جدي سوف نعيد هذا التاريخ، ونحيي هذه السيرة، ونجدد العهد.
عماد: نعم يا جدي؛ لابد من إحياء مجد هذه الأمة ورد كرامتها وقيادتها للبشرية كما أراد لها ربها – سبحانه وتعالى.
ياسر: إن ما قاله عبد العزيز وعماد من أوجب الواجبات وأهم المهمات، كما أن فيه كرامةً لنا في الدنيا ونجاة لنا يوم القيامة.
الجد: والله يا أولادي لقد ذكرتموني بأيام الشباب وحلاوة الإيمان، وأشعلتم فيَّ ذكريات الفتوة، وصدق الله إذ يقول: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق