الجمعة، 14 أكتوبر 2011

قـاهــر الإعاقـــة

عبد الله الصيرم يقهر الإعاقة بالرياضة والتمثيل

حائز على ميداليات محلية وخليجية


للإرادة تأثير كبير في الحياة، فهي التي تمدنا بالقوة وتحرض دواخلنا على الانتفاض والتمرد على أوضاعنا وحتى أجسادنا، حتى لا نكون رهانا لقيد يحرمنا متعة الحياة وجمالها، لتؤكد بذلك أن في هذه الدنيا شيئا يستحق الحياة لأجله، وكما ينطبق ذلك علينا نحن الأسوياء فهو ينطبق على المعاقين أيضا، الذين حرموا لذة العيش مثلنا بكامل أجسادهم، والتي استعاضوا عنها بطاقاتهم ومواهبهم الخلاقة، وتمكنوا من خلالها أن يتفوقوا علينا ليظللونا كسحابة مشبعة بالمياه الندية.
وحكايتنا اليوم مع عبد الله الصيرم الذي تمكن من قهر إعاقته التي بدأت معه منذ الصغر بالرياضة وحقق حلمه بالتمثيل، ففي صغره كان عبد الله قد أصيب بالحمى التي ذهبت وخلفت وراءها الإعاقة، ولكنها لم تتمكن من منعه لمواصلة دراسته حتى انتهى من الثانوية العامة وقد ساعده في ذلك وقوف أهله إلى جانبه ومعاملتهم له كبقية أخوته حتى لا يشعر بأنه مختلف عنهم. وحول ذلك يقول الصيرم: في البداية لم أكن أتمكن من الحركة أو حتى تناول الطعام وحدي، فقد كانت حركتي صعبة ولكن مع استمرار العلاج بدأت حالتي بالتحسن وأصبح بإمكاني الحركة والتنقل في أرجاء البيت لدرجة استغنيت فيها عن أية أدوات مساعدة، ولكن عندما بلغت سن الرابعة عشرة شعرت ببعض التعب الأمر الذي اضطرني إلى استخدام العكاز أثناء حركتي، لم تغير عائلتي شيئا في تصميم البيت.
بحيث يتناسب مع إعاقتي، ولكن ما حدث أن تأقلمت انأ مع البيت خاصة وان بيتنا السابق كان مليئا بالسلالم، وقد حرص أبي وأمي على تعليمي كيفية الاعتماد على نفسي في كل شيء سواء في الحركة أو حتى انجاز احتياجاتي الخاصة، وكانوا طوال الوقت يحفزونني على القيام بأموري الشخصية بنفسي وعدم الاعتماد على احد في البيت.
فمن جهة لم يرد أهلي أن يشعروني بأنني عاجز، لدرجة أن كلمة «لا استطيع» اختفت من قاموس حياتي، ودائما كانوا يحفزونني على الحركة الدائمة وذلك بتوصية من الأطباء، لأن عدم الحركة ستساعد على ضمور عضلاتي.
وهذا بلا شك جعلني أعيش حياتي كأي إنسان سوي، حتى في المدرسة قاموا بوضعي في مدرسة عادية مثل إخوتي، وبقيت فيها حتى أنهيت المرحلة الثانوية، وكانت عائلتي تريد مني استكمال الدراسة الجامعية ولكن فضلت تأجيلها بعض الوقت لأعمل واعتمد على نفسي، وهذا الأمر ساعدني أكثر على تخطي إعاقتي.
نشاطات مدرسية :
لم تتمكن الإعاقة من منع عبد الله وهو الأكبر بين إخوته من المشاركة في النشاطات المدرسية، والتفوق فيها وهو ما جعل منه إنسانا آخر، وحول ذلك قال: كنت دائم المشاركة في الإذاعة المدرسية أثناء الطابور الصباحي، حيث اعتدت على إلقاء الشعر وهذا شجعني على البدء في كتابة الشعر.
وأضاف: لم أفكر في يوما ما أثناء وجودي بالمدرسة بوضعي الخاص أو بإعاقتي، إنما كنت اشعر دائما بأنني كأي طالب فيها، وتمكنت من قهر الإعاقة بالتفوق في دراستي، إلى جانب أن حب المبادرة كان حاضرا لدي بشكل دائم، حتى في الأنشطة الرياضية، وقد ساعدني في ذلك أن زملائي في الصف كانوا يفتحون المجال أمامي لمشاركتهم اللعب.
انضم عبد الله إلى نادي الثقة للمعاقين عندما كان في سن التاسعة، ولعل ذلك قد فتح عينيه على عالم آخر، مما اكسبه خبرات جديدة وعزيمة قوية لم يكن ليدركها لولا اختلاطه مع أبناء هذه الشريحة، وحول هذه المرحلة قال: عندما جئت إلى النادي لأول مرة، لمست كيف يتعامل المعاقون مع الناس الأسوياء.
وبخاصة عندما تحدث لهم مواقف محرجة، وهذا اكسبني خبرات جديدة وتعلمت منهم كيف يمكن التعامل مع هذه المواقف بطيبة نفس وسعة صدر وقوة، وبالطبع دخولي المبكر في النادي اختصر وقتا طويلا كنت سأحتاجه في التأقلم مع الآخرين، ويواصل: عندما بدأت بالاحتكاك مع المعاقين ورأيت أنواع الإعاقات المختلفة شعرت نفسي بأنني سوي مقارنة معهم.
وهو ما ساعدني على اجتثاث فكرة أن إعاقتي هي الأصعب، وهذا الأمر ساعدني كثيرا على إبراز قوتي خاصة وان هناك من لدية إعاقة أصعب مني وقد تمكن بفعل إرادته القوية أن يصل إلى مناصب عالية وان يبني قاعدة اجتماعية جيدة.
احتراف الرياضة :
لقد مثلت الرياضة بابا واسعا لخروج عبد الله من إعاقته، فمن خلالها أصبح بإمكانه الحركة بيسر ومنها تعلم كيفية السيطرة على مختلف الأمور التي تدور حوله، وحول ذلك قال: عندما دخلت النادي لأول مرة في العام 1989 لم أكن اعرف شيئا عن الرياضة.
خاصة وانه لم يكن هناك تخصص أو اهتمام واضح فيها، ولكن كنا نلعب لتمضية الوقت فقط، ولكن بعد انقطاعي عنه وعودتي إليه في العام 1997 وجدت أن الوضع قد تغير فيه وأصبح هناك اهتمام كبير بالرياضة وهناك منتخب رسمي يضم أعضاء النادي، يشاركون في بطولات دولية.
وهذا شجعني على البدء معهم والتعلم منهم أساليب التعامل مع الرياضة، ورغم عدم اقتناعي بقدرتي على لعب الرياضة إلا إنني بدأت اهتم بها وهذا كان بداية لاحترافي للعبة رمي القرص، وقد زاد هذا الاهتمام بعد حصولي على عدد من الميداليات على مستوى الدولة ومنطقة الخليج في العاب القوى، ولكن طوال هذه الفترة كنت دائم البحث عن رياضة أخرى أجد فيها نفسي، وبالفعل وجدتها في كرة السلة.
حيث كانت تشدني حركة الشباب، والطريقة التي تمكنهم من السيطرة على الكرة وتحريك الكرسي ومتابعة حركات الآخرين في الملعب في آن واحد، خاصة وان الجميع يلعبون باستخدام كراسي متحركة التي تعتبر بمثابة تقييد للحركة الطبيعية، ولكن عندما بدأت بالتدريب واللعب معهم أصبحت أدرك الكيفية التي تتم فيها الحركة وطرق التحكم بالكرة.
وقد وجدت أن التخلص من قيد الكرسي أثناء اللعب إنما يحتاج إلى حب اللعبة نفسها، وهو ما جعلني استمتع كثيرا أثناء اللعب وتمكنت من إخراج جميع إمكانياتي فيها، وهذا مكنني من اللعب مع المنتخب في العام 2001.
حيث شاركت معهم في بطولة الخليج وقد حصلنا على المراكز الثاني والثالث لأكثر من مرة، وبطولة الأردن التي حصلنا فيها على المركز الثاني وكذلك بطولة فزاع التي حصلنا فيها على المركز الأول.
التمثيل إبداع آخر :
لم يتوقف إبداع عبد الله عن حدود اللعب والملاعب، وإنما تخطى ذلك ليصل إلى تحقيق أحلامه التي طالما راودته في صغره، حيث تمكن من الوقوف على خشبة المسرح بجانب ممثلين أسوياء في أكثر من مسرحية، وفي ذلك قال: التمثيل بالنسبة لي كان حلما، ولكن أظن طوال الوقت بأنه صعب المنال بسبب إعاقتي.
وحتى عندما اتصل بي محمد الزرعوني، كابتن الفريق، ليخبرني بوجود دور في مسرحية «للحياة دائما مذاق آخر» التي قدمت في مهرجان قطر لذوي الاحتياجات الخاصة لم اشعر بأن الموضوع سيكون جديا، ولكن عندما اكتشفت وجود محمد العامري، وفاطمة البلوشي، في المسرحية شعرت بمدى جدية الموضوع، وحينها أيقنت بأن ذلك سيكون بداية لتحقيق حلمي.
وهذا جعلني أتمسك في هذا الدور، وبلا شك أن الرهبة والخوف كانا يملأن قلبي عندما وقفت على خشبة المسرح لأول مرة، ولكن كان ذلك دافعا لي لإبراز طاقتي في هذه المسرحية، واعترف أن الأداء هناك لم يكن بمستوى الأداء الذي قدمته في مسرحية الجوهرة التي عرضت داخل الإمارات، ولكنها كانت تجربة غنية بالنسبة لي، وتمكنت من اجتيازها بنجاح، وبالطبع هذا غمرني بالسعادة، وشعرت معه بأن التمثيل ليس مستحيلا للمعاق.
وكما كانت الرياضة طريقا لعبد الله نحو الصدارة والمراكز الأولى، كانت طريقه أيضا لتوثيق العلاقات مع الآخرين، حيث حرص على إقامة صداقات مع أعضاء المنتخبات التي تبارز معها في معظم الدول العربية والخليجية، ما زال يتواصل معهم حتى الآن، ويعتبر ذلك انه من أفضل الأشياء التي استفادها عبر احترافه للرياضة.
عزيمة الأقوياء في نادي الثقة :
انضم عبد الله إلى نادي الثقة للمعاقين عندما كان في سن التاسعة، ولعل ذلك قد فتح عينيه على عالم آخر، مما اكسبه خبرات جديدة وعزيمة قوية لم يكن ليدركها لولا اختلاطه مع أبناء هذه الشريحة، وحول هذه المرحلة قال: عندما جئت إلى النادي لأول مرة، لمست كيف يتعامل المعاقون مع الناس الأسوياء.
وبخاصة عندما تحدث لهم مواقف محرجة، وهذا اكسبني خبرات جديدة وتعلمت منهم كيف يمكن التعامل مع هذه المواقف بطيبة نفس وسعة صدر وقوة، وبالطبع دخولي المبكر في النادي اختصر وقتا طويلا كنت سأحتاجه في التأقلم مع الآخرين.
ويواصل: عندما بدأت بالاحتكاك مع المعاقين ورأيت أنواع الإعاقات المختلفة شعرت نفسي بأنني سوي مقارنة معهم، وهو ما ساعدني على اجتثاث فكرة أن إعاقتي هي الأصعب، وهذا الأمر ساعدني كثيرا على إبراز قوتي خاصة وان هناك من لدية إعاقة أصعب مني وقد تمكن بفعل إرادته القوية أن يصل إلى مناصب عالية وان يبني قاعدة اجتماعية جيدة.
 مشـوار الألـف ميل بيبـدأ بخطـوة 
غسان خروب
نقلا عن " عبر الإمارات "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق