![]() |
الرسول قـــدوتــنـــا " صلى الله عليه وسلم " |
الـعـــدل .. أمـر الله به ورسـوله ..
العدل خُلُق كريم وصفة عظيمة جليلة،
محبَّبة إلى النفوس،
تبعث الأمل لدى المظلومين؛
لذلك جاء أمر الله صريحًا في القرآن الكريم،
فقال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} )النحل: 90)
كما أمر الإسلام بالعدل مع العدوِّ رغم شدَّة كراهيتنا لأفعاله،
فقال تعالى:
فقال تعالى:
{وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}(المائدة: 8).
فالعدل يُعيد الأمورإلى نصابها،
وبه تؤدَّى الحقوق لأصحابها،
وما وُجِـد في قـوم إلاَّ سعـدوا،
وما فُقِد عند آخرين إلاَّ شقُـوا.
فإقامة العدل واجبةٌ بكلِّ حالٍ على من تحبُّ ومن لا تحبُّ ..
فمن استحق شيئًا وجب إعطـاءه إيَّـاه،
ومن لا يستحق شيئًا وجب حرمانه منه.
العــدل فى حيــاة الرسول صلى الله عليه وسلم :
رسول الله يعلم أصحابه العدل:
لقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم
على تعليم أصحابه قيمة العـدل ..
على تعليم أصحابه قيمة العـدل ..
مبيِّنًا لهم عظيم أجره يوم القيامة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ الْمُقْسِطِينَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ بِمَا أَقْسَطُوا فِي الدُّنْيَا"[1].
بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ بِمَا أَقْسَطُوا فِي الدُّنْيَا"[1].
أرسل النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عبد الله بن رواحه إلى اليهود في خيبر ليخرص عليهم الثِّمار الزُّروع ويضمنهم ما للمسلمين منها فأراد اليهود أن يعطوه رشوةً ..
فقال رضي الله عنه منكرًا عليهم :
"تطعموني السُّحت ؟!
والله لقد جئتكم من عند أحبِّ النَّاس إليَّ ..
يعني رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-
فقال رضي الله عنه منكرًا عليهم :
"تطعموني السُّحت ؟!
والله لقد جئتكم من عند أحبِّ النَّاس إليَّ ..
يعني رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-
ولأنتم أبغض إليَّ من عدتكم من القردة والخنازير
ولا يحملني بغضي لكم وحبِّي إيَّاه أن لا أعدل عليكم"،
ولا يحملني بغضي لكم وحبِّي إيَّاه أن لا أعدل عليكم"،
فقال اليهود:
"بهــذا قامــت السَّـمــاوات والأرض".
تأملوا رحمكم الله هذا الكلام العظيم :
من عبد الله بن رواحه -رضي الله عنه-
كان يحبُّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-
أعظم من محبَّة أي إنسانٍ ..
ويبغض اليهود أشدّ من بغض القردة والخنازير،
حبٌّ بالغٌ للنَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-،
وبغضٌ شديدٌ لليهود ..
يصرِّح بذلك - رضي الله عنه - لليهود ..
ثمَّ يقــول :
لا يحملني بغضي لكم وحبِّي إيَّاه
أن لا أعدل عليكم.
رضي الله عنك يا عبد الله بن رواحة
ورضي الله عن جميع الصَّحـابـة
وعن جميع التَّابعين لهم بإحسانٍ.
إنَّ العدل لا يجوز أن يضيع
بين عاطفة الحبِّ وعاطفة البغض
يقول الله -عزَّ وجلَّ :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
[المائدة: 8].
[المائدة: 8].
ويقول -جلَّ وعلا :
{وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الحجرات:9]
{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجنّ: 15]
- القاسطون: هم الجائرون وهم من حطب جهنم.
- والمقسطون: هم العادلون وهم من أحباب الله.
وفي الحديث الصَّحيح :
عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال:
«إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نورٍ
عن يمين الرَّحمن -عزَّ وجلَّ- وكلتا يديه يمين؛
الَّذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا»
[رواه مسلم 1827].
عن يمين الرَّحمن -عزَّ وجلَّ- وكلتا يديه يمين؛
الَّذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا»
[رواه مسلم 1827].
وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم-:
«وأهل الجنَّة ثلاثة:
ذو سلطـانٍ مقسـطٌ متصـدقٌ موفـقٌ،
ورجلٌ رحيمٌ رقيقٌ القلب لكلِّ ذي قربى ومسلم،
وعـفـيـف مـتعـفـف ذو عـيـال»
[رواه مسلم 2865].
هـكــذا غـرس رســول الله
صلى الله عليه وسلم
صلى الله عليه وسلم
صفة العــدل في قلــوب أصحابــه
ثم كان المثل الأعلى في تنفيذ تلك الأوامــر
فكان خُلُقُ العدل غريزة فُطر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ حداثة سنِّه :
فقد شهد حلف الفضول[2] الذي عقده نفر من قريش لنصرة المظلوم في دار عبد الله بن جُدْعان، وذلك قبل بَعثته،
وكذلك لمَّا اختلفت قريش على رفع الحجر الأسود عند بناء الكعبة رضيتْ به حكمًا عادلا؛
مع أن قبيلته قبيلة بني هاشم طرف في القضية،
مع أن قبيلته قبيلة بني هاشم طرف في القضية،
إلاَّ أنهم من فرط ثقتهم في عدله قبلوا به حكمًا.
حرصه على العـدل وخوفه من الظلم :
لقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على العدل، وبعدما أرسله الله للعالمين أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم العدل بين أصحابه، وجعله شِرعة ومنهاجًا في كل موقف وكل لحظة،
ولعلَّ من أشهر مواقف النبي صلى الله عليه وسلم التي ظهر فيها عدله وقوَّته في الحقِّ..
ما روته السيدة عائشة - رضي الله عنها- بقولها:
" إن قريشًا أهمَّهم شأن المرأة المخزوميَّة التي سرقت،
فقالوا: ومن يكلِّم فيها رسول الله ؟
فقالوا: ومن يكلِّم فيها رسول الله ؟
فقالوا: ومَنْ يجترئ عليه إلاَّ أسامة بن زيد
حِبّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فكلَّمه أسامة ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
حِبّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فكلَّمه أسامة ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟!".
ثم قام فاختطب، ثم قال:
"إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا :
إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ،
وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ
أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ،
أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ،
وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ
لَقَطَعْتُ يَدَهَا". [3]
ونجد رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الخوف
من وقوع أي ظلم أو إجحاف بالناس ،
من وقوع أي ظلم أو إجحاف بالناس ،
فعن سويد بن قيس قال:
"جلبتُ أنا ومخرفة العبدي بزًّا[4]من هجر،
فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فساومنا سراويل، وعندنا وزانٌ يزن بالأجر،
فقال له النبي:
"يَا وَزَّانُ، زِنْ وَأَرْجِحْ"[5].
لقد التزم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالعدل والقسط منهجًا له طيلة حياته
وامتلأت كتب السيرة بمواقف نبويَّة يتعجَّب لها القارئ من قوَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمسُّكه بالعدل والقضاء الحقِّ على نفسه وأهل بيته،وعلى المحيطين به
سواء كان هذا العدل في حدٍّ من حدود الله،
أو في الأمور السلميَّة أو الحربيَّة،
وغيرها من الأحوال العامَّة،
وقد أراد أحد المنافقين أن ينتقص من عدل رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ـ صلى الله عليه وسلم ـ
فردَّ عليه صلى الله عليه وسلم مستنكرًا بقوله:
وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ؟
قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ..."[6].
عدل رسول الله مع زوجاته:
كما التزم النبي صلى الله عليه وسلم - أيضًا - :ـ
بالعدل مع زوجاتـه .. حتى في أبسط الأمور؛
بالعدل مع زوجاتـه .. حتى في أبسط الأمور؛
فعن أنسٍ قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه،
فأرسلتْ إحدى أُمَّهات المؤمنين بصحفةٍ[7] فيها طعامٌ،
فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصَّحفة فانفلقت،
فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصحفة،
فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصحفة،
ثم جعل يجمع فيها الطَّعام الذي كان في الصَّحفة..
ويقول: "غَـارَتْ أُمُّـكُــمْ".ثمَّ حبس الخادم حتى أُتِيَ بصحفةٍ من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرَتْ صحفتها،
وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرَتْ [8].
عدل رسول الله مع غير المسلمين:
وامتدَّ قضاؤه العادل إلى غير المسلمين ..
فعن عبد الله بن مسعود أنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛
لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ..
لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ".
لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ..
لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ".
وقال الأشعث بن قيس: [9]
كان بيني وبين رجلٍ من اليهود أرضٌ فَجَحَدَنِي،
فَقَدَّمْتُهُ إلى النَّبيِّ،
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فَقَدَّمْتُهُ إلى النَّبيِّ،
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟" قلتُ: لا.
فقال لليهوديِّ: "احْلِفْ".
فقال لليهوديِّ: "احْلِفْ".
قال: قلتُ: يا رسول الله، إِذًا يَحْلف ويذهب بمالي.
فأنزل الله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}
آل عمران:(77)، إلى آخر الآية [10].
إنه لموقف نادر حقًّا! إنه اختصام بين رجلين؛
أحدهما من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والآخر يهودي،
فيأتيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما،
فيطبِّق الشرع فيهما دون محاباة ولا تحيُّز
والشرع يُلزم المدَّعِي - وهو الأشعث بن قيس - بالبيِّنَة أو الدليل، فإن فشل في الإتيان بالدليل فيكفي أن يحلف المدَّعَى عليه -وهو اليهودي- على أنه لم يفعل ما يتَّهمه به المدَّعِي، فيُصَدَّقُ في ذلك،
وذلك مصداقًا لقول رسول الله:
"الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ"[11].
الرسول قـــدوتــنـــا " صلى الله عليه وسلم "
فبِعَدْلِهِ ضرب المثل والقدوة
لكل من ولي أمر الناس
حتى تسير الحياة كما يريدها الله
فتهنأ فيها النفوسُ
وتستريح الأفئـدة
وتسعد البشرية
**************************************
[1] مسلم: كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل (1827)، والنسائي (1827)، وأحمد عن عبد الله بن عمرو (6485) واللفظ له، والحاكم (7006 )
[2] حِلْف الفُضُول: سمِّي بذلك لأنَّهم تحالفوا ألاَّ يتركوا عند أحدٍ فضلًا يظلمه أحدًا إلاَّ أخذوه له منه. وقيل: سمِّي بذلك تشبيهًا بحلْف كان قديمًا بمكة أَيَّام جُرْهُم على التناصف والأَخذ للضعيف من القويِّ، وللغريبِ من القاطِن، وسمِّي حِلْف الفُضُول لأَنه قام به رجال من جُرْهُم كلهم يسمَّى الفَضْل، فقيل: حِلْف الفُضُول، جمعًا لأَسماء هؤلاء، انظر: الزبيدي: تاج العروس مادة فضل 30 179، وابن منظور: لسان العرب، مادة فضل 11 524.
[3]البخاري: كتاب الحدود، باب كراهة الشفاعة في الحد (6406)،
ومسلم: كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف... (1688).
[4] البَزّ: الثياب، وهي أيضًا أَمتعة البَزَّاز. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة بزز 5 311.
[5] أبو داود (3336)، والترمذي (1305) وقال أبو عيسى: حديث سويد حديث حسن صحيح، وأهل العلم يستحبون الرجحان في الوزن. وابن ماجه (2220)، وأحمد (19121) وقال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن..، وقال الألباني: صحيح. انظر: صحيح الجامع (3574).
[6] البخاري عن جابر بن عبد الله: كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (1064)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (1064).
[7] الصحفة: إناء كالقصعة المبسوطة. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة صحف 9 186.
[8] البخاري: كتاب النكاح، باب الغيرة (4927)، وأبو داود (3567)، وأحمد (12046).
[9] الأشعث بن قيس الكندي، وفد على النبيسنة عشر، وكان من ملوك كندة، فلما مات النبيارتدَّ، ثم عاد إلى الإسلام، فزوَّجَهُ أبو بكر أخته، وشهد القادسية، وشهد مع عليٍّ صفين، تُوُفِّيَ بعد قتل عليٍّ t بأربعين ليلة. انظر: ابن الأثير: أسد الغابة 1 97، وابن حجر العسقلاني: الإصابة، الترجمة رقم (205).
[10] البخاري: كتاب الخصومات، باب كلام الخصوم بعضهم في بعض (2285)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (138).
[11] مسلم: كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه (1711)، والموطأ برواية محمد بن الحسن الشيباني (844) واللفظ له، والبيهقي (20990)، وفي شرح النووي لصحيح مسلم أنه قال: وجاء في رواية البيهقي بإسناد حسن أو صحيح زيادة عن ابن عباس مرفوعًا: "لَكِن الْبَيِّنَة عَلَى المدَّعي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ".
انظر: النووي: المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 12 3.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : وذكرــ كنوز الإسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق