السبت
25 فبراير 2012
25 فبراير 2012
اللواء محمود قطري: البرنامج النفسي المطبق على طلبة "الشرطة" عشوائي يخضع للاجتهادات الشخصية ويجب التخلص منه
خبير اجتماعي: جهاز الشرطة يحتاج إلى إعادة تنشئة اجتماعية وسيكولوجية
حقوقي: عزل طالب الشرطة لـ4 أعوام عن العالم الخارجي تجعله كأنه شخص من كوكب آخر
كتبت- هبة علي ماهر ومحمد أحمد:
أكد خبراء أن إعادة تنشئة وتأهيل طلبة كلية الشرطة نفسيًا واجتماعيًا يعد عنصرًا هامًا في إعادة هيكلة وزارة الداخلية من جديد، خاصة بعد ابتعاد هذا الجهاز عن طبيعته المدنية وأخذ الطابع العسكري منهجًا رئيسيًا له، واعتبر عدد من الخبراء أن إعادة الهيكلة لإعادة هذا الجهاز لطبيعته أصبح أمرًا واجب الحدوث، ووصفوه بأنه بمثابة "اللبنة الأساسية" التي تضمن التغيير الفعلي في سياسات جهاز الشرطة، مؤكدين في الوقت نفسه على أهمية تغيير مناهج كلية الشرطة لتتضمن معايير وأسسًا تساهم في التعامل "الآدمي" مع المواطنين، وعدم تكرار السياسات التي وصفوها بـ"النرجسية" في التعامل مع المواطنين.
وفي هذا الشأن وصف اللواء محمود قطري- الخبير الأمني- الفكر الأمني لجهاز الشرطة منذ 15 عامًا وفي عهد حبيب العادلي– وزير الداخلية الأسبق- بـ"المنحرف"، كما وصف العقيدة الأمنية بـ"المنحلة"، مدللًا على ذلك بـ"نظرة الاستعلاء" التي اعتاد أن ينظر بها رجال الشرطة للمواطنين، وهو ما انعكس في تصرفاتهم؛ كتفتيش أي فرد بدون إذن من السلطات المختصة، الأمر الذي أصبح معه المواطن متهمًا حتى تثبت براءته.
وأضاف: وما نحتاج إليه هو بناء شرطة جيدة تؤمِّن المواطنين، وليست سيفًا مسلطًا على رقابهم، ولتحقيق ذلك لابد من تعديل المناهج التي يدرسها طلاب كلية الشرطة، وتغيير الفكر الأمني فيها، لترسخ لدى الطلاب مفهوم أن الشرطي يؤدي مهمته الأساسية وهي تقديم الخدمة الأمنية للمواطنين، على أن تحدد أسس ومناهج قويمة للتعامل الآدمي مع الشعب، وأن يكون لكل فرد قيمة وقدر في المجتمع.
وشدد "قطري" أن طلاب الشرطة في حاجة ماسة إلى دراسة الجانب السيكولوجي النفسي، حتى يحسن رجل الشرطة التعامل مع المواطنين، واصفًا البرنامج النفسي المطبق على طلبة "الشرطة" ببرنامج نفسي "عشوائي يخضع للاجتهادات الشخصية لأساتذة الكلية"، وهو ما يجب التخلص منه، بأن يتحد علماء النفس مع خبراء أمنيين لوضع برنامج نفسي متكامل.
وتابع: "هناك أسس تربوية خاطئة في كليات الشرطة وهي السبب الأول في مشاكل جهاز الشرطة، ويجب إنهاؤها كليًا، فطالِب الشرطة يتم تربيته على مبدأ الطاعة العمياء، وهو مبدأ ممقوت، لأن مكانه داخل الجيش فقط، كما تعامل القيادات الجامعية الطلاب بشكل مهين ومسيء لهم، وهو ما يغرس فيهم مبادئ خاطئة يطبقونها على المواطنين بعد التخرج من الكلية.
وطالب "قطري" بتغيير نظام الدراسة، والتخلص من فكرة النظام المغلق لمدة أربعة أعوام مثل العسكريين، لأنه يعطي شعورًا للطالب بأنه "مسجون"، ويؤثر عليه نفسيًا- على حد قوله.
وحول التفضيل بين أن يتم تأهيل عناصر الشرطة الحالية نفسيًا وبين الاستعانة بكوادر أخرى بدلًا عنهم، قال "قطري": التغيير يجب أن يتم تدريجيًا، فهدم الشرطة خطأ جسيم، ولكن يمكن إعادة بنائها من جديد بعزل القيادات القديمة الفاسدة، حتى من لم يرتكب خطأ، فيكفي أن فكره خاطئ، لكن قواعد المؤسسة يمكن تطويعها نفسيًا من جديد.
واقترح تغيير شروط الالتحاق بكلية الشرطة بقانون صادر من مجلس الشعب، ليكون الالتحاق بها بعد كلية الحقوق، على أن تكون الدراسة لمدة عامين، وتشتمل على دراسات أمنية مكثفة، و6 أشهر دراسة أكاديمية، وسنة ونصف دراسة أكاديمية وعملية في الأقسام ومراكز الشرطة.
واعتبر "قطري" تصريحات وزير الداخلية التي أعرب فيها عن رفضه لمصطلح "تطهير" الداخلية بدعوى أن الوزارة أكثر الجهات الحكومية التي تحاسب المخطئين بها، أنه تصريح "خاطئ جدًا"، وقال: "ما معنى أن الداخلية لا تحتاج إلى تطهير، فلماذا إذن قامت الثورة، فالثورة تكاد تكون قد اندلعت لفساد جهاز الشرطة؟ والدليل على ذلك أن أكثر من 90 قسم شرطة تم حرقه، وأدى إلى سقوط جهاز الشرطة هذا السقوط التاريخي المروع".
ووصف هذا التصريح بـ"العدواني" معللًا إياه بـ"خوف وزير الداخلية من أن يطاح به على رأس القائمة التي سيتم التخلص منها"- حسب قوله.
من جانبه قال اللواء رفعت عبد الحميد- خبير العلوم الجنائية- "لعلاج قصور المناهج الدراسية، لابد أولًا أن تكون هناك معايير لاختيار طلاب كلية الشرطة، بأن يكون ذو شخصية متزنة، وأن يكون من أسرة طيبة، وبيت كريم يعرف الشفقة والرحمة ليكون ضابطًا إنسانًا، لأن العامل التربوي هنا سيكون له وقع هام ومؤثر جدًا".
وطالب "عبد الحميد" بتغيير المناهج، وتدريس مناهج علم النفس الجنائي للطلاب، والتركيز بشكل أكبر على أسلوب معاملة رجل الشرطة للمواطنين، ومراعاة البعد الإنساني والاجتماعي في التعامل، ومراعاة أن علاقة الضابط تنتهي مع المتهم بمجرد ضبطه وتسليمه إلى النيابة العامة، والبعد عن الميل لأي اتجاه أو أي حزب أو أي مسؤول سياسي، وغرس قيمة المحافظة على أرواح المواطنين، والتجرد والتفاني في العمل وتطبيق القانون، ومحاولة وضع مناهج لمعالجة عالم الجريمة، بإشراك كافة مؤسسات المجتمع الدولي في المعالجة.
وأضاف: "من أبرز مساوئ المنهاج التعليمية القديمة، أن كل ما كان يتم دراسته شيء- وأن تضمن بعض المبادئ الحسنة- وما يتم تطبيقه على أرض الواقع شيء آخر، وأؤيد بشدة فكرة أن يحصل ضابط الشرطة على مواد حول الحقوق، لأن ذلك سيكفل له أن يكون على دراية تامة بالدستور والاقتصاد والنظم السياسية والإجراءات الجنائية والقانون المدني والبحري والجوي، ويضاف إليه أثناء الدراسة بكالوريوس لعلوم الشرطة، فيكون على قدم المساواة مع خريجي كلية الحقوق".
وفي نفس السياق أكد الدكتور السيد عبد العاطي– أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة الاسكندرية– على ضرورة إعادة تنشئة وتأهيل طلاب كلية الشرطة، من خلال مناهج علمية سليمة، والاستفادة من تجارب البلدان الأخرى.
وقال: "لابد من تأهيل الطلاب من خلال إلمامه بقيم المجتمع، ومن خلال اتباع أخلاقيات المهنة، من احترام الكبير، واحترام آدمية الإنسان، والبعد عن العجرفة والتكبر، فلو آمن الشرطي بأنه في خدمة هذا المواطن فلن يتعامل بغرور".
وأضاف: سيتحقق ذلك من خلال إضافة هذه القيم إلى مقررات ومناهج كلية الشرطة، فمدة الدراسة أربع سنوات يدرس بها موادًا قانونية، فلو أضافوا إليها مقررات في فن التعامل مع الآخرين سيحدِث ذلك فارقًا كبيرًا.
وحول إمكانية إعادة تأهيل أفراد جهاز الشرطة الحاليين وإعادة تنشئتهم نفسيًا واجتماعيًا، قال "عبد العاطي": هذا الاحتمال يمكن تحقيقه؛ ففي كل مهنة وكل مجال هناك الصالح والطالح، ولكل قاعدة استثناء، وليس منهجًا علميًا أن نحكم على الكل بالفساد، فعلى سبيل المثال لو أتينا بغيرهم وحملوا نفس القيم والأخلاقيات بدون إعادة تنشئة وتأهيل فما الفرق إذن، فبالتالي يمكن إعادة تأهيل عناصره من جديد نفسيًا واجتماعيًا لمواكبة ما ينادي الجميع به.
يقول د. عمرو السباخي- الأستاذ بكلية الهندسة ومقرر لجنة الحريات بجامعة الإسكندرية- إن المعوقات التي ستوجه الشرطة في الفترة القادمة هي تطهير نفسها عبر محاكمة كل من تورط من أفرادها في جرائم وانتهاكات ضد المواطنين، واعتذار باقي أفرادها للمواطنين، وبدء مرحلة جديدة من العلاقة القائمة على احترام كل طرف للآخر في ظل سيادة القانون ومواد الدستور الذي يرضى عنه جميع المواطنين ومحاكمة المجرمين الموجودين بين صفوفهم، وعزلهم نهائيًّا من وزارة الداخلية.
وأضاف "يجب النظر في الطريقة التي يتم فيها تكوين رجل الشرطة حيث يتم عزله عن العالم الخارجي لمدة 4 سنوات هي فترة تدريبية في الكلية، بل تحوِّل الظروف والتدريبات في تلك الكليات رجل الشرطة إلى شخص كأنه من كوكب آخر يتعالى على المواطنين" .
وأشار "السباخي" إلى الفساد المستشري في ربوع الشرطة، حيث تصل رواتب بعض أفراد الجهاز إلى ملايين في حين لا تتخطى رواتب الآخرين مئات الجنيهات مما يضطر البعض إلى استخدام أساليب غير مشروعة للحصول على أموال.
واعتبر "السباخي" أن قطاع الأمن المركزي من الجرائم الأخلاقية في حق المواطنين، معللًا ذلك بأن مصر لا تحتاج إلى هذا الكم الهائل من جنود مكافحة الشغب، مضيفًا إن هؤلاء من المفترض أنهم في سلك الجندية وحماية الحدود وليس ضرب المواطنين، موضحًا أن الظروف أثناء الخدمة التي يتعرضون لها من سوء الطعام والعمل للفترات طويلة بالإضافة لكونهم من الطبقات شديدة الفقر من أسباب كون تعاملهم مع المواطنين شديدة السوء ولا تعبر عن الآدمية، مؤكدًا على ضرورة إلغاء هذا القطاع واستبداله بآخر أقل في العدد ويحمل قدرًا من التعلم.
وأضاف إن الكلام الجميل الذي نسمعه من قيادات الشرطة عن عودة الجهاز إلى طبيعة عمله فنحن لم نرَ منها شيئًا على أرض الواقع.
المصدر / أمل الأمة
.......................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق