السبت، 5 أكتوبر 2013

الفريق سعد الدين محمد الحسيني الشاذلي




فى الذكرى الأربعين لحرب السادس من أكتوبر نقدم لكم شخصية هامة .. بطلا حقيقيا من أبطال حرب أكتوبر 1973

إنه الفريق سعد الدين محمد الحسيني الشاذلي (1 أبريل 1922 - 10 فبراير 2011
 رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 13 ديسمبر 1973 ومؤسس وقائد أول فرقة قوات مظلية في مصر وأمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية وسفير سابق لدى إنجلترا والبرتغال ومحلل عسكري. يوصف بأنه الرأس المدبر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الإسرائيلي بارليف في حرب أكتوبر عام 1973.

حياته

  • أسس وقاد أول قوات مظلية في مصر عام 1954.
  • شارك في حرب اليمن كقائد للواء مشاة بين عامي 1965 ـ 1966.
  • شكل مجموعة من القوات الخاصة عرفت (بمجموعة الشاذلي) عام 1967
  • تولى قيادة قوات الصاعقة المصرية من (1967 ـ 1969)
  • عين سفيراً لدى إنجلترا والبرتغال (1974 ـ 1978).

 حظى بشهرته لأول مره خلال الحرب العالمية الثانية عام 1941 عندما كانت القوات المصرية والبريطانية تواجه القوات الألمانية في الصحراء الغربية، وعندما صدرت الأوامر للقوات المصرية والبريطانية بالانسحاب. بقى الملازم الشاذلي ليدمر المعدات الثقيلة المتبقية في وجه القوات الألمانية المتقدمة[بحاجة لمصدر].
أثبت الشاذلي نفسه مرة أخرى في نكسة 1967 عندما كان برتبة لواء ويقود وحدة من القوات المصرية الخاصة مجموع أفرادها حوالي ١٥٠٠ فرد والمعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء ووسط أسوأ هزيمة شهدها الجيش المصري في العصر الحديث وانقطاع الاتصالات مع القيادة المصرية وكنتيجه لفقدان الاتصال بين الشاذلي وبين قيادة الجيش في سيناء.
اتخذ الشاذلي قرارا جريئا فعبر بقواته الحدود الدوليه قبل غروب يوم 5 يونيو وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينيه المحتله بحوالي خمسة كيلومترات وبقي هناك يومين إلى أن تم الاتصال بالقياده العامه المصرية التي أصدرت إليه الأوامر بالانسحاب فورا. فاستجاب لتلك الأوامر وبدأ انسحابه ليلا وقبل غروب يوم 8 يونيو في ظروف غاية في الصعوبة، باعتباره كان يسير في أرض يسيطر العدو تمامًا عليها، ومن دون أي دعم جوي، وبالحدود الدنيا من المؤن، واستطاع بحرفية نادرة أن يقطع أراضي سيناء كاملة من الشرق إلى الشط الغربي لقناة السويس (حوالي 200 كم). وقد نجح في العوده بقواته ومعداته إلى الجيش المصري سالما، وتفادى النيران الإسرائيلية، وتكبد خسائر بنسبة 10% إلى 20%. فكان آخر قائد مصري ينسحب بقواته من سيناء.
بعد هذه الحادثه اكتسب سمعة كبيرة في صفوف الجيش المصري، فتم تعيينه قائدًا للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات، وقد كانت أول وآخر مرة في التاريخ المصري يتم فيها ضم قوات المظلات وقوات الصاعقة إلى قوة موحدة هي القوات الخاصة.

تعيينه رئيساً لأركان القوات المسلحة

في 16 مايو 1971، وبعد يوم واحد من إطاحة الرئيس السادات بأقطاب النظام الناصري، فيما سماه بـثورة التصحيح عين الفريق الشاذلي رئيسًا للأركان بالقوات المسلحة المصرية، باعتبار أنه لم يكن يدين بالولاء إلا لشرف الجندية، فلم يكن محسوبًا على أي من المتصارعين على الساحة السياسية المصرية آنذاك.
ولكفاءته و قدرته العسكريه و لخلفيته الغنيه التي اكتسبها من دراسته بين الولايات المتحدة الامريكيه و الاتحاد السوفيتي في العلوم العسكرية الي جانب تاريخه العسكري الثري و كان لهذا الاختيار دور كبير في الوصول للهدف المنشود باحراز نصر اكتوبر العظيم حيث عزف بخبرته العسكريه بوضع بصماته الفعاله في خطه تحطيم خط بارليف الذي روج عنه دعايا الخط الذي لايُقهر بالسنته الناريه القويه و استطاع ان يحفر اسمه في سجلات الشرف العسكري لدرجه ان اسرائيل اطلقت عليه لقب (ديان مصر) نسبهً لموشيه ديان و لانه فاق ديان في الكفاءه العسكريه و القتاليه.
يقول الفريق الشاذلي: كان هذا نتيجة ثقة الرئيس السادات به وبإمكانياته، ولأنه لم يكن الأقدم والمؤهل من الناحية الشكلية لقيادة هذا المنصب، ولكن ثقته في قدراته جعلته يستدعيه، ويتخطى حوالي أربعين لواء من الألوية (جمع لواء) الأقدم منه في هذا المنصب.
دخل الفريق الشاذلي في خلافات مع الفريق أول محمد صادق وزير الحربية آنذاك حول خطة العمليات الخاصة بتحرير سيناء، حيث كان الفريق أول محمد أحمد صادق يرى أن الجيش المصري يتعين عليه ألا يقوم بأي عملية هجومية إلا إذا وصل إلى مرحلة تفوق على العدو في المعدات والكفاءة القتالية لجنوده، عندها فقط يمكنه القيام بعملية كاسحة يحرر بها سيناء كلها. وجد الفريق الشاذلي أن هذا الكلام لا يتماشى مع الإمكانيات الفعلية للجيش، ولذلك طالب أن يقوم بعملية هجومية في حدود إمكانياته، تقضي باسترداد من 10 إلى 12 كم في عمق سيناء. بنى الفريق الشاذلي رأيه ذلك على أنه من المهم أن تفصل الإستراتيجية الحربية على إمكانياتك وطبقا لإمكانيات العدو.
وسأل الشاذلي الفريق أول صادق: هل لديك القوات التي تستطيع أن تنفذ بها خطتك؟
فقال له: لا.
فقال له الشاذلي: على أي أساس إذن نضع خطة وليست لدينا الإمكانيات اللازمة لتنفيذها؟.
في أكتوبر 1972 أقال الرئيس السادات الفريق أول محمد أحمد صادق وعين المشير أحمد إسماعيل علي وزيراً للحربية والقائد العام للقوات المسلحة والذي بينه وبين الفريق الشاذلي خلافات قديمة.
ــــــ
  • كانت سياسة الرئيس السادات أن يعين وزيراً للحربية أرائه تختلف عن آراء رئيس الآركان ولا يكونون متفقين حتى يضمن ولاء الجيش مثال :
01 عند تعيين الفريق أول محمد صادق وزيرا ً للحربية الذي يكره الاتحاد السوفييتي ولا يريد التعامل معها. عين رئيس الآركان الفريق الشاذلي الذي يرى ان الاتحاد السوفييتي هو الملاذ الوحيد للحصول على أسلحة متقدمة في ذلك الوقت.
02 عين السادات المشير أحمد إسماعيل علي وزيرا ً للحربية وهو يعلم أن بينه وبين الشاذلي خلافات شخصية قديمة.

خلافه مع المشير أحمد إسماعيل علي

يقول الفريق الشاذلي : لم أكن قط على علاقة طيبة مع المشير أحمد إسماعيل علي وزير الحربية والفائد العام للقوات المسلحة. لقد كنا شخصيتين مختلفتين تماما لا يمكن لهما ان تتفقا. وقد بدأ أول خلاف بيننا عندما كنت أقود الكتيبة العربية التي كانت من ضمن قوات الأمم المتحدة في الكونغو عام 1960م. كان العميد أحمد إسماعيل قد ارسلته مصر على رأس بعثة عسكرية لدراسة ما يمكن لمصر ان تقدمه للنهوض بالجيش الكونوجولي.
وقبل وصول البعثة بعدة أيام سقطت حكومة لومومبا التي كانت تؤيدها مصر بعد نجاح انقلاب عسكري، وقد كانت ميول الحكومة الجديدة تتعارض تماما مع الخط الذي كانت تنتجه مصر، وهكذا وجدت البعثة نفسها دون أي عمل منذ اليوم الأول لحضورها، وبدلا من أن تعود البعثة إلى مصر أخذ أحمد إسماعيل يخلق لنفسه مبرراً للبقاء في ليوبولدقيل على أساس أن يقوم بإعداد تقرير عن الموقف..
وتحت ستار هذا العمل بقي مع اللجنة ما يزيد على الشهرين. وفي تلك الفترة حاول أن يفرض سلطته علي باعتبار أنه ضابط برتبة عميد بينما كنت أن وقتئذ برتبة عقيد، وبالتالي تصور أن من حقه أن يصدر التعليمات والتوجيهات.ورفضت هذا المنطق رفضاً باتاً وقلت له إنني لا أعترف له بأية سلطة عليّ أو على قواتي. وقد تبادلنا الكلمات الخشنة حتى كدنا نشتبك بالأيدي. وبعد أن علمت القاهرة بذلك استدعت اللجنة وانتهى الصراع ولكن آثاره بقيت في أعماق كل منا.

خطة المآذن العالية

يقول الشاذلي عن الخطة التي وضعها للهجوم على إسرائيل واقتحام قناة السويس التي سماها خطة المآذن العالية :
إن ضعف قواتنا الجوية وضعف إمكاناتنا في الدفاع الجوي ذاتي الحركة يمنعنا من أن نقوم بعملية هجومية كبيرة.. ولكن في استطاعتنا أن نقوم بعملية محدودة، بحيث نعبر القناة وندمر خط بارليف ونحتل من 10 إلى 12 كيلومترا شرق القناة. كانت فلسفة هذه الخطة تقوم على أن لإسرائيل مقتلين:
المقتل الأول : هو عدم قدرتها على تحمل الخسائر البشرية نظرًا لقلة عدد أفرادها.
المقتل الثاني : هو إطالة مدة الحرب، فهي في كل الحروب السابقة كانت تعتمد على الحروب الخاطفة التي تنتهي خلال أربعة أسابيع أو ستة أسابيع على الأكثر؛ لأنها خلال هذه الفترة تقوم بتعبئة 18% من الشعب الإسرائيلي وهذه نسبة عالية جدًّا.
ثم إن الحالة الاقتصادية تتوقف تمامًا في إسرائيل والتعليم يتوقف والزراعة تتوقف والصناعة كذلك ؛ لأن معظم الذين يعملون في هذه المؤسسات في النهاية ضباط وعساكر في القوات المسلحة؛ ولذلك كانت خطة الشاذلي تقوم على استغلال هاتين النقطتين.
الخطة كان لها بعدان آخران على صعيد حرمان إسرائيل من أهم مزاياها القتالية يقول عنهما الشاذلي: "عندما أعبر القناة وأحتل مسافة بعمق 10: 12 كم شرق القناة بطول الجبهة (حوالي 170 كم) سأحرم العدو من أهم ميزتين له.
الميزة الأولى : تكمن في حرمانه من الهجوم من الأجناب؛ لأن أجناب الجيش المصري ستكون مرتكزة على البحر المتوسط في الشمال، وعلى خليج السويس في الجنوب، ولن يستطيع الهجوم من المؤخرة التي ستكون قناة السويس، فسيضطر إلى الهجوم بالمواجهة وعندها سيدفع الثمن فادحًا".
الميزة الثانية : "يتمتع العدو بميزة مهمة في المعارك التصادمية، وهي الدعم الجوي السريع للعناصر المدرعة التابعة له، حيث تتيح العقيدة القتالية الغربية التي تعمل إسرائيل بمقتضاها للمستويات الصغرى من القادة بالاستعانة بالدعم الجوي، وهو ما سيفقده لأني سأكون في حماية الدفاع الجوي المصري، ومن هنا تتم عملية تحييد الطيران الإسرائيلي خلال المعركة.

حرب أكتوبر 1973
في يوم 6 أكتوبر 1973 في الساعة 14:05(الثانية وخمس دقائق ظهراً) شن الجيشان المصري والسوري هجومًا كاسحًا على إسرائيل، بطول الجبهتين، ونفذ الجيش المصري خطة المآذن العالية التي وضعها الفريق الشاذلي بنجاح غير متوقع، لدرجة أن الشاذلي يقول في كتابه "حرب أكتوبر": "في أول 24 ساعة قتال لم يصدر من القيادة العامة أي أمر لأي وحدة فرعية.. قواتنا كانت تؤدي مهامها بمنتهى الكفاءة والسهولة واليسر كأنها تؤدي طابور تدريب تكتيكي".

 

موقفه من تطوير الهجوم

أرسلت القيادة العسكرية السورية مندوبًا للقيادة الموحدة للجبهتين التي كان يقودها المشير أحمد إسماعيل علي تطلب زيادة الضغط على القوات الإسرائيلية على جبهة قناة السويس لتخفيف الضغط على جبهة الجولان، فطلب الرئيس السادات من أحمد إسماعيل تطوير الهجوم شرقًا لتخفيف الضغط على سوريا.
يقول الفريق الشاذلى: بعد عودتى من الجبهة يوم الخميس 11 أكتوبر فاتحنى أحمد إسماعيل فى موضوع تطوير الهجوم نحو المضايق، ولكنى عارضت الفكرة بشدة وقلت له أي تطوير خارج نطاق الـ12 كيلو التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، وأي تقدم خارج المظله معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران الإسرائيلي، وبدأ لى أنه اقتنع بهذا وأغلق الموضوع. ولكنه عاد وفاتحنى بالموضوع مرة أخرى فى صباح اليوم التالى الجمعة 12 أكتوبر مدعيا هذه المرة أن الهدف من هجومنا هو تخفيف الضغط على الجبهة السورية.
عارضت الفكرة على أساس أن هجومنا لن يخفف الضغط على الجبهة السورية. وقمت بتذكيرة عن الإجتماع الذي عقد في نوفمبر 1971 بمقر الجامعة العربية في إجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك والذي قلت فيه :
( ليكن معلوما لدى الجميع ان نظرا للوضع المركزي الذي تتمتع به اسرائيل ونظرا لتفوقها الساحق في الطيران فلا الجبهة المصرية تستطيع ان تخفف الضغط عن السورية أو العكس فيما لو حدث وركز العدو على احدى الجبهتين.لذلك أطالب بان تكون كل جهة لها القدرة على الصد ).
أي ان رأيي معروف مسبقا قبل ان تحدث الثغرة بعامين وقلت هذا في اجتماع رسمي موثق. وأن لدى العدو 8 ألوية مدرعة أمامنا ولن يحتاج إلى سحب قوات إضافية من الجبهة السورية حيث أن هذه القوات قادرة على صد أى هجوم نقوم به، وليس لدينا دفاع جوى متحرك إلا أعداد قليلة جدا من سام 6 لا تكفى لحماية قواتنا التي ستقع فريسة للقوات الجوية الإسرائيلية نظرا لتفوقها بمجرد خروجها من تحت مظلة الدفاع الجوى أى بعد حوالى 15 كيلومترا شرق القناة. إذا نحن قمنا بهذه العملية فإننا سوف ندمر قواتنا دون أن نقدم اية مساعدة لتخفيف الضغط على الجبهة السورية.
وحوالى الظهر تطرق الوزير لهذا الموضوع للمرة الثالثة خلال 24 ساعة وقال هذه المرة :
( القرار السياسى يحتم علينا ضرورة تطوير الهجوم نحو المضايق ، ويجب أن يبدأ ذلك من صباح غد 13 أكتوبر )
وبناء على أوامر تطوير الهجوم شرقًا هاجمت القوات المصرية في قطاع الجيش الثالث الميداني (في اتجاه السويس) بعدد 2 لواء، هما اللواء الحادي عشر (مشاة ميكانيكي) في اتجاه ممر الجدي، واللواء الثالث المدرع في اتجاه ممر متلا. في قطاع الجيش الثاني الميداني (اتجاه الإسماعيلية) هاجمت الفرقة 21 المدرعة في اتجاه منطقة "الطاسة"، وعلى المحور الشمالي لسيناء هاجم اللواء 15 مدرع في اتجاه "رمانة".
كان الهجوم غير موفق بالمرة كما توقع الشاذلي، وانتهى بفشل التطوير، مع اختلاف رئيسي، هو أن القوات المصرية خسرت 250 دبابة من قوتها الضاربة الرئيسية في ساعات معدودات من بدء التطوير للتفوق الجوي الإسرائيلي.
بنهاية التطوير الفاشل أصبحت المبادأة في جانب القوات الإسرائيلية التي استعدت لتنفيذ خطتها المعدة من قبل والمعروفة باسم "الغزالة" للعبور غرب القناة، وحصار القوات المصرية الموجودة شرقها خاصة وأن القوات المدرعه التي قامت بتطوير الهجوم شرقا هي القوات التي كانت مكلفة بحماية الضفة الغربية ومؤخرة القوات المسلحة وبعبورها القنال شرقا وتدمير معظمها في معركة التطوير الفاشل ورفض السادات سحب ما تبقى من تلك القوات مرة أخرى إلى الغرب، أصبح ظهر الجيش المصري مكشوفا غرب القناة. وقد إستغلت إسرائيل تلك النقطة فيما عرف بعد ذلك بثغرة الدفرسوار.

ثغرة الدفرسوار

اكتشفت طائرة استطلاع أمريكية لم تستطع الدفاعات الجوية المصرية إسقاطها بسبب سرعتها التي بلغت ثلاث مرات سرعة الصوت وارتفاعها الشاهق وجود ثغرة بين الجيش الثالث في السويس والجيش الثاني في الإسماعيلية، وقام الأمريكان بإبلاغ إسرائيل ونجح أرئيل شارون قائد إحدى الفرق المدرعة الإسرائيلية بالعبور إلى غرب القناة من الثغرة بين الجيشين الثاني والثالث، عند منطقة الدفرسوار القريبة من البحيرات المرّة بقوة محدودة ليلة 16 أكتوبر، وصلت إلى 6 ألوية مدرعة، و3 ألوية مشاة مع يوم 22 أكتوبر. احتل شارون المنطقة ما بين مدينتي الإسماعيلية والسويس، ولم يتمكن من احتلال أي منهما وكبدته القوات المصرية والمقاومة الشعبية خسائر فادحة.
تم تطويق الجيش الثالث بالكامل في السويس، ووصلت القوات الإسرائيلية إلى طريق السويس القاهرة، ولكنها توقفت لصعوبة الوضع العسكري بالنسبة لها غرب القناة خصوصا بعد فشل الجنرال شارون في الاستيلاء على الإسماعيلية وفشل الجيش الإسرائيلى في احتلال السويس مما وضع القوات الإسرائيلية غرب القناة في مأزق صعب وجعلها محاصرة بين الموانع الطبيعية والاستنزاف والقلق من الهجوم المصري المضاد الوشيك.
في يوم 17 أكتوبر طالب الفريق الشاذلي بسحب عدد 4 ألوية مدرعة من الشرق إلى الغرب ؛ ليزيد من الخناق على القوات الإسرائيلية الموجودة في الغرب، والقضاء عليها نهائيًّا، علماً بأن القوات الإسرائيلية يوم 17 أكتوبر كانت لواء مدرع ولواء مظلات فقط وتوقع الفريق الشاذلي عبور لواء إسرائيلي إضافي ليلا لذا فطالب بسحب عدد 4 ألوية مدرعة تحسبا لذلك وأضاف أن القوات المصرية ستقاتل تحتة مضلة الدفاع الجوي وبمساعدة الطيران المصري وهو ما يضمن التفوق المصري الكاسح وسيتم تدمير الثغرة تدميرا نهائيا وكأن عاصفة هبت على الثغرة وقضت عليها (حسب ما وصف الشاذلي)، وهذه الخطة تعتبر من وجهة نظر الشاذلي تطبيق لمبدأ من مبادئ الحرب الحديثة، وهو "المناورة بالقوات"، علمًا بأن سحب هذه الألوية لن يؤثر مطلقًا على أوضاع الفرق المشاة الخمس المتمركزة في الشرق.
لكن السادات وأحمد إسماعيل رفضا هذا الأمر بشدة، بدعوى أن الجنود المصريين لديهم عقدة نفسية من عملية الانسحاب للغرب منذ نكسة 1967، وبالتالي رفضا سحب أي قوات من الشرق للغرب، وهنا وصلت الأمور بينهما وبين الشاذلي إلى مرحلة الطلاق وقام السادات بإقصاء الفريق الشاذلي لفترة مؤقته خلال الحرب وعين المشير محمد عبدالغني الجمسي بدلاً منه ليقوم بالتعامل مع الثغرة.

خروجه من الجيش

في 13 ديسمبر 1973م وفي قمة عمله العسكري بعد حرب أكتوبر تم تسريح الفريق الشاذلي من الجيش بواسطة الرئيس أنور السادات وتعيينه سفيراً لمصر في إنجلترا ثم البرتغال.
في عام 1978 انتقد الفريق الشاذلي بشدة معاهدة كامب ديفيد وعارضها علانية وهاجم السادات و اتهمه بالديكتاتوريه وإتخذ القرار بترك منصبه سفيراً لدى البرتغال والذهاب إلى الجزائر كلاجئ سياسي.
في المنفى كتب الفريق الشاذلي مذكراته عن الحرب التي جاءت ردأ على مذكرات الرئيس السادات (البحث عن الذات) والتي اتهم فيها السادات باتخاذ قرارات خاطئة رغماً عن جميع النصائح من المحيطين أثتاء سير العمليات على الجبهة أدت إلى التسبب في الثغرة وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الإسرائيلي.
كما اتهم في تلك المذكرات الرئيس السادات بالتنازل عن النصر والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة في مفاوضات فض الاشتباك الأولى وأنهى كتابه ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الرئيس السادات بإساءة استعمال سلطاته وهو الكتاب الذي أدى إلى محاكمته غيابيا بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات مع الأشغال الشاقة ووضعت أملاكه تحت الحراسة, كما تم حرمانه من التمثيل القانونى وتجريده من حقوقه السياسية.

نص خطاب الذي وجهه الشاذلي إلى النائب العام

السيد النائب العام:
تحية طيبة.. وبعد، أتشرف أنا الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 12 ديسمبر 1973، أقيم حاليا بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية بمدينة الجزائر العاصمة وعنواني هو صندوق بريد رقم 778 الجزائر- المحطة b.p 778 alger. Gare بأن اعرض على سيادتكم ما يلي:
أولا: إني أتهم السيد محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية بأنه خلال الفترة ما بين أكتوبر 1973 ومايو 1978، وحيث كان يشغل منصب رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية بأنه ارتكب الجرائم التالية:
الإهمال الجسيم
وذلك أنه وبصفته السابق ذكرها أهمل في مسئولياته إهمالا جسيما واصدر عدة قرارات خاطئة تتعـارض مع التوصيات التي أقرها القادة العسكريون، وقد ترتب على هذه القرارات الخاطئة ما يلي:
  1. نجاح العدو في اختراق مواقعنا في منطقة الدفرسوار ليلة 15/16 أكتوبر 1973 في حين أنه كان من الممكن ألا يحدث هذا الاختراق إطلاقا.
  2. فشل قواتنا في تدمير قوات العدو التي اخترقت مواقعنا في الدفرسوار، في حين أن تدمير هذه القوات كان في قدرة قواتنا، وكان تحـقيق ذلك ممكنا لو لم يفرض السادات على القادة العسكريين قراراته الخاطئة.
  3. نجاح العدو في حصار الجيش الثالث يوم 23 أكتوبر 1973، في حين أنه كان من الممكن تلافي وقوع هذه الكارثة.

تزييف التاريخ
وذلك أنه بصفته السابق ذكرها حاول ولا يزال يحاول أن يزيف تاريخ مصر، ولكي يحقق ذلك فقد نشر مذكراته في كتاب أسماه البحث عن الذات وقد ملأ هذه المذكرات بالعديد من المعلومات الخاطئة التي تظهر فيها أركان التزييف المتعمد وليس مجرد الخطأ البريء.
الكذب
وذلك أنه كذب على مجلس الشعب وكذب على الشعب المصري في بياناته الرسمية وفي خطبه التي ألقاها على الشعب أذيعت في شتى وسائل الإعلام المصري. وقد ذكر العديد من هذه الأكاذيب في مذكراته البحث عن الذات ويزيد عددها على خمسين كذبة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
  1. إدعاءه بأن العدو الذي اخترق في منطقة الدفرسوار هو سبعة دبابات فقط واستمر يردد هذه الكذبة طوال فترة الحرب.
  2. إدعاءه بأن الجيش الثالث لم يحاصر قط في حين أن الجيش الثالث قد حوصر بواسطة قوات العدو لمدة تزيد على ثلاثة أشهر.

الادعاء الباطل
وذلك أنه ادعى باطلا بأن الفريق الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية قد عاد من الجبهة منهارا يوم 19 أكتوبر 1973، وأنه أوصى بسحب جميع القوات المصرية من شرق القناة، في حين أنه لم يحدث شيء من ذلك مطلقا.
إساءة استخدام السلطة
وذلك أنه بصفته السابق ذكرها سمح لنفسه بان يتهم خصومه السياسيين بادعاءات باطلة، واستغل وسائل إعلام الدولة في ترويج هذه الادعاءات الباطلة. وفي الوقت نفسه فقد حرم خصومه من حق استخدام وسائل الإعلام المصرية التي تعتبر من الوجهة القانونية ملكا للشعب للدفاع عن أنفسهم ضد هذه الاتهامات الباطلة.
ثانيا: إني أطالب بإقامة الدعوى العمومية ضد الرئيس أنور السادات نظير ارتكابه تلك الجرائم ونظرا لما سببته هذه الجرائم من أضرار بالنسبة لأمن الوطن ونزاهة الحكم.
ثالثا: إذا لم يكن من الممكن محاكمة رئيس الجمهورية في ظل الدستور الحالي على تلك الجرائم، فإن أقل ما يمكن عمله للمحافظة على هيبة الحكم هو محاكمتي لأنني تجرأت واتهمت رئيس الجمهورية بهذه التهم التي قد تعتقدون من وجهة نظركم أنها اتهامات باطلة. إن البينة على من ادعى وإني أستطيع- بإذن الله- أن أقدم البينة التي تؤدى إلى ثبوت جميع هذه الادعاءات وإذا كان السادات يتهرب من محاكمتي, على أساس أن المحاكمة قد تترتب عليها إذاعة بعض الأسرار، فقد سقطت قيمة هذه الحجة بعد أن قمت بنشر مذكراتي في مجلة "الوطن العربي" في الفترة ما بين ديسمبر 1978 ويوليو 1979 للرد على الأكاذيب والادعاءات الباطلة التي وردت في مذكرات السادات. لقد اطلع على هذه المذكرات واستمع إلى محتوياتها عشرات الملايين من البشر في العالم العربي ومئات الألوف في مصر.

شهادة المشير الجمسي

يقول المشير محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات أثناء حرب أكتوبر في مذكراته (مذكرات الجمسي) حرب أكتوبر 1973 م صفحة ـ 421 ـ
لقد عاصرت الفريق الشاذلي خلال الحرب، وقام بزيارة الجبهة أكثر من مرة، وكان بين القوات في سيناء في بعض هذه الزيارات. وأقرر أنه عندما عاد من الجبهة يوم 20 أكتوبر لم يكن منهاراً، كما وصفه الرئيس السادات في مذكراته (البحث عن الذات ص 348) بعد الحرب. لا أقول ذلك دفاعاً عن الفريق الشاذلي لهدف أو مصلحة، ولا مضاداً للرئيس السادات لهدف أو مصلحة، ولكنها الحقيقة أقولها للتاريخ.

عودته إلى مصر

عاد عام 1992م إلى مصر بعد 14 عاماً قضاها في المنفى بالجزائر وقبض عليه فور وصوله مطار القاهرة وصودرت منه جميع الاوسمة والنياشين وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن لأن الأحكام العسكرية ليس بها استئناف ولا نقض ولا تسقط بالتقادم.
وجهت للفريق للشاذلي تهمتان :
التهمة الأولى : هي نشر كتاب بدون موافقة مسبقة عليه، واعترف "الشاذلي" بارتكابها.
التهمة الثانية : فهي إفشاء أسرار عسكرية في كتابه، وأنكر الشاذلي صحة هذه التهمة الأخيرة بشدة، بدعوى أن تلك الأسرار المزعومة كانت أسرارًا حكومية وليست أسرارًا عسكرية.
وأثناء تواجده بالسجن، نجح فريق المحامين المدافع عنه في الحصول على حكم قضائى صادر من أعلى محكمة مدنية وينص على أن الإدانة العسكرية السابقة غير قانونية وأن الحكم العسكري الصادر ضده يعتبر مخالفاً للدستور. وأمرت المحكمة بالإفراج الفورى عنه. رغم ذلك، لم ينفذ هذا الحكم الأخير وقضى ثلاث سنوات في السجن، ورفض تقديم أي التماس للعفو عنه.وبعد خروجه من السجن عاش الشاذلي منعزلاً بعيدًا عن الناس.
عانى الفريق الشاذلي من النسيان المتعمد في فتره الرئيس حسني مبارك حيث ظل إعلام يروج لاحاديه النصر بالضربه الجويه الاولي و كان الشاذلي ضحيه من ضحايا النسيان كما حدث للجمسي و المشير محمد علي فهمي و اللواء فؤاد ذكري علي الرغم من دوره البارز في تطوير خطه الهجوم لانجاح العبور و استحداث اساليب جديده في القتال وفي استخدام التشكيلات العسكريه المختلفه، وفي توجيهاته التي تربي عليها قاده وجنود القوات المسلحه المصريه.
ظهر بعدها في بعض القنوات الفضائية كمحلل عسكري وفي البرامج التي تناولت حرب أكتوبر في أواخر التسعينات القرن الماضي. وتم الاستعانه بالفريق الشاذلي كمحلل عسكري بقناه (عين) التابعه للايه ار تي عام 2003 اثناء حرب العراق و غزوها من القوات الامريكيه لدرجه ان المشاهدين كانوا يستمتعون بسلاسته في الشرح العسكري دون الشعور بصعوبه التكنيك و المصطلحات العسكريه. أبرز ظهور إعلامي له كان على قناة الجزيرة في 6 فبراير 1999 في حلقات مطولة من برنامج شاهد على العصر مع أحمد منصور.

تكريمه

الفريق الشاذلى هو الوحيد من قادة حرب أكتوبر الذي لم يتم تكريمه بأى نوع من أنواع التكريم, وتم تجاهله في الاحتفالية التي أقامها مجلس الشعب المصري لقادة حرب أكتوبر والتي سلمهم خلالها الرئيس أنور السادات النياشين والأوسمة كما ذكر هو بنفسه في كتابه مذكرات حرب أكتوبر. على الرغم من الدوره الكبير في إعداد القوات المسلحة المصرية, وفى تطوير وتنقيح خطط الهجوم والعبور، واستحداث أساليب جديدة في القتال وفى استخدام التشكيلات العسكرية المختلفة، وفى توجيهاته التي تربى عليها قادة وجنود القوات المسلحة المصرية.
ذكر الفريق الشاذلي في مذكراته بأنه قد تم منحه نجمة الشرف أثناء عمله كسفير في إنجلترا من قبل مندوب من الرئيس السادات.
يقول الفريق الشاذلي : في عام 1974 وبينما كنت سفيراً لمصر في لندن حضر الي مكتبي ذات يوم الملحق الحربي المصري وهو يكاد ينهار خجلاً.. كان متردداً وهو يحاول أن يتكلم إلى أن شجعته على الكلام فقال : سيادة الفريق.. أني لا أعرف كيف أبدأ وكم كنت أتمنى ألا اجد نفسي أبدا في هذا الموقف ولكنها الأوامر صدرت إلي لقد طلب مني ان أسلم إليكم نجمة الشرف التي أنعم عليكم بها رئيس الجمهورية. فاستلمت منه الوسام في هدوء وأنا واثق أن مصر وليس (السادات حاكم مصر) سوف يكرمني في يوم من الأيام بعد أن تعرف حقائق وأسرار حرب أكتوبر. ليس التكريم هو أن أمنح وساماً في الخفاء ولكن التكريم هو أن يعلم الشعب بالدور الذي قمت به. سوف يأتي هذا اليوم مهما حاول السادات تأخيرة ومهما حاول السادات تزوير التاريخ،
منحه الرئيس محمد مرسى قلادة النيل العظمى لدوره الكبير في حرب أكتوبر المجيدة في 3 أكتوبر 2012.وأعاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة نجمة سيناء لأسرة الفريق الشاذلي عام 2011 بعد تنحي الرئيس حسني مبارك بأسبوعين.و تم إنشاء طريق كبير للربط بين الطريق الدائرى وطريق مصر الإسماعلية يحمل اسم محور سعد الشاذلي

أهم المناصب التي تقلدها


وفاته

تُوفي مهندس حرب أكتوبر رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق سعد الدين الشاذلي يوم الخميس 7 ربيع الأول 1432 هـ الموافق في 10 فبراير / شباط 2011 م، بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ 88 عامًا قضاها في خدمة وطنه بكل كفاءة وأمانة وإخلاص، وقد جاءت وفاته في خضم ثورة 2011 في مصر، وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض، وقد شيّع في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة بعد صلاة الجمعة.[1]
وكانت جنازته في نفس اليوم الذي أعلن فيه عمر سليمان تنحي الرئيس حسني مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية.

أوسمة والقاب

منحه الرئيس السابق محمد مرسى اسم الفريق سعد الدين الشاذلى قلادة النيل العظمى وقد تم تسليمها لاسرته تكريما لدوره الكبير في حرب أكتوبر المجيدة في 3 أكتوبر 2012

مؤلفاته

  • حرب أكتوبر
  • الخيار العسكري العربي
  • الحرب الصليبية الثامنة
  • أربع سنوات في السلك الدبلوماسية

 

المصـادر


 

وصلات خارجية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق