د. محمد صبحي رضوان
المقدمة
اختلف الفقهاء في حكم الدعوة إلى الله عز وجل بين فرض العين وفرض الكفاية والراجح أن الدعوة إلى الله عز وجل في حق المسلم فرض كفاية . لكن الذي نحتاج إلى بيانه هو ماذا يعنى فرض الكفاية ؟ والإجابة أن فرض الكفاية هو الذي إذا قام به البعض سقط عن الآخرين بشرط سد الكفاية , وشرط سد الكفاية في ظروفنا الحالية جعل الحكم يتحول من فرض الكفاية إلى فرض العين وذلك لأن القائمين بالدعوة الآن أعدادهم غير كافية لإحداث تغيير واضح يحقق شرط سد الكفاية .
ونخلص من هذا الحكم أن الدعوة إلى الله عز وجل واجبة الآن على كل مسلم بالغ عاقل قادر , مع ملاحظة انه لايشترط العلم الواسع أو الإحاطة الكاملة بالإسلام ليقوم المسلم بهذا الواجب ويؤكد ذلك قوله (ص) : بلغوا عنى ولو آية . وقوله عليه الصلاة وأذكى التسليم أيضا : " نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ .
وصاحب الدعوة هو صاحب الرسالة وأعنى به كل مسلم بشكل عام وأصحاب الاتجاهات الإسلامية وعلى رأسها الأخوان المسلمين بشكل خاص .
مفهوم الرسالة :
أن يكون رضا الله ودخول جنته وابتغاء مثوبته هي غاية المسلم , مع السعي الدائم لإصلاح المجتمع إصلاحا شاملا وتطبيق الإسلام ليكون منهج حياة.
تعريف صاحب الرسالة :
هو المسلم الذي اهتم بالدعوة حتى تملأ عليه حياته وتتضاءل أمامها باقي اهتماماته ويوظفها في كل حركاته وسكناته بحيث لايقف دونها شيء ولا يعوض عنها بشيء ولا يرضى بغيرها بدلا منها .
دوافع المسلم ليكون صاحب الرسالة :
1. إدراك وجوب العمل للإسلام
2. إدراك أن المسئولية فردية
3. إدراك الحساب الفردي يوم القيامة
4. إدراك أن أهداف الدعوة غالية ولا يجب التفريط فيها
5. الإيمان أن الإسلام هو المنقذ للبشرية
6. الشهادة على الناس ( ..وتكونوا شهداء على الناس ..)
صفات صاحب الرسالة :
صاحب الرسالة له صفات ثلاث :
الصفة الأولى : مهموما بالدعوة
مظاهر الهم بالدعوة :
1- الحزن عند التقصير
2- قهر الأعذار
3- تقديم المقترحات والأفكار
4- السعي الدائم لمساعدة المسلمين في كل مكان
5- جعل النفس وقفا للدعوة
6- المراجعة المستمرة للتكليفات الدعوية
7- عدم السكون والراحة
كيف نحقق الهم بالدعوة :
1- التدبر في آيات البذل والحث على الجهاد في القرآن الكريم لأخذ العبرة والعظة والعمل بما فيها من توجيهات .
2- الاهتمام بسلامة العقيدة وقوة الإيمان
3- عدم الركون إلى الدنيا
4- الاهتمام بدراسة قصص الأنبياء والصالحين والتابعين والسابقين على هذا الطريق وأخذ العبرة من مواقف جهادهم وعطائهم في سبيل نصرة الحق .
5- مصاحبة وملازمة أولو السبق من الدعاة وأصحاب الهمم العالية والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم .
6- متابعة أخبار المسلمين والاهتمام بأمرهم والسعي إلى مساعدتهم بكل الوسائل المتاحة .
الصفة الثانية : يعمل للدعوة على مسار حياته
قد يكون الفرد مضطرا لقضاء وقت طويل في ممارسة عمله المهني الحياتي فيظن أن ذلك يتعارض مع كونه صاحب رسالة لابد أن يؤديها وهذا المفهوم خاطئ لأن كل واحد فينا مهما كانت شواغله يستطيع أن يوظف مسار عمله لخدمة دعوته .
وسأضرب مثالا بالمعلم ويمكننا أن نطبق عليه باقي الأمثلة فالمعلم المشغول طوال الوقت في المدرسة ثم في الدروس الخصوصية يتعلل بأنه مشاغله كثيرة ولاستطيع أداء واجبه نحو الدعوة ,
في حين أنه يستطيع أن يعمل لدعوته على مسار حياته من خلال مايلي :
1- يفتتح الدرس بالتسمية والحمد .
2- يضع لوحات إرشادية إسلامية على حائط غرفة الدرس .
3- يكتب على أحد جوانب السبورة حكمة أو حديث أو ماشابه ذلك وتكون هادفة ويغيرها كل يوم .
4- يربط بين مايلقيه من علوم على طلابه وبين الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة .
5- يمارس شكلا من أشكال الدعوة الفردية مع بعض طلابه .
6- يكون همزة وصل بين طلابه وبين أخوانه ممن لديهم وقت أفضل لممارسة الدعوة معهم .
7- يدل طلابه على أوجه الخير وأماكن الأنشطة المختلفة للدعوة .
8- يكثر من التطوع المالي لدعوته خاصة أن معلما مشغولا بهذا الشكل لاشك أن دخله المادي مرتفع .
9- ينشأ علاقات اجتماعية مع أسر وبيوت طلابه ويزورهم في المناسبات وفى العطلات الرسمية .
10- يحفز طلابه على المشاركة في الأنشطة المدرسية كاتحادات الطلاب والإذاعة المدرسية مثلا .
11- يحسن توظيف الإصدارات الإسلامية المختلفة ( المطويات – النشرات – البروشور – السي دى ...الخ) التي تصدرها الجماعة ودور النشر الإسلامية المختلفة .
12- يعطي لأقرانه من المعلمين القدوة والأسوة الحسنة في الانضباط والالتزام وحسن الأداء .
وغير ذلك الكثير والمهم أن تكون الدعوة في بؤرة الاهتمام .
ونقيس على ما سبق جميع المسارات والمهن ( الصيدليات – العيادات – المؤسسات الخاصة – الحكومية ...الخ )
كما أن هناك مسارات أخرى للدعوة مثل ( الجيران – المسجد- والدروس العامة – والتجمعات المختلفة – والضيوف والزوار ) يستطيع الفرد من خلالها العمل لدعوته والحرص على انتشارها
الصفة الثالثة: يجعل الدعوة في أولوياته:
لكل منا متطلباته في هذه الحياة وهي لاتخرج عن : عمله الحياتي وبيته وأولاده ودعوته وبعض اهتماماته ورغباته الخاصة وكلها تقع في دائرة المباحات والواجبات وتخرج عن دائرة المحرمات .
وصاحب الرسالة هو الذي يملك القدرة على حسن الاختيار والذي يعنى ترتيب الأولويات بين الحاجات السابقة.
فعليه بالأهم قبل المهم و هذا يوجب عليه أن يجعل الاختيار الأول له هو الدعوة ثم يرتب بقية الأشياء عليها وليس العكس لأنه يحمل أسمى الفكر وأعلاها ( صبغة الله ) ,
كما أن الدوافع المذكورة سابقا تحتم عليه أن يجعل الدعوة في أولوياته .
ماذا لو أصبح كل منا صاحب الرسالة ؟
1- نرشد المجتمع وننشر دعوة الخير فيه
2- نحقق القدوة والمنعة لجماعتنا
3- نحقق الاهادف التي نخطط لها
4- نكون قادرين على إدارة ذواتنا
5- يتعاظم دورنا كأفراد في المجتمع
6- تقر أعيننا برؤية الإسلام واقعا في حياة الناس
7- نسقط عن كواهلنا واجبا نحن مطالبون به ومحاسبون عليه
8- وفى النهاية نحصل على رضا المولى عز وجل وبرضاه يمن علينا بدخول جنته ويباعد بيننا وبين ناره .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق