الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

لا تـحـقــر أخـاك الـمـسـلـم



اليوم موعدنا يا أبنائي مع قصة جديدة حكاها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر صلوات الله وسلامه عليه أن رجلين من بني إسرائيل كانا متآخيين، إلا أنهما يختلفان في العبادة، فالأول مجتهد فيها، يصلُ قيام الليل بصيام النهار، لا يألو في الاستزادة منها.

يرى صاحبه مقصّراً، بل مذنباً مصرّاً على المعاصي، فيأمره بالعبادة، وينهاه عن المعصية، ولربّما وجده يوماً يشرب الخمر أو يرتكب معصية، فنهاه عنها، وهذا أمر يتصف به المسلم، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهكذا الدعاة دائماً كما في قول الله تعالى: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ..."، وقال الله تعالى: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"سورة آل عمران.

إلا أن الإنسان حين يتجاوز حدّه ويتألّه على الله، فقد أساء إلى الذات الإلهيّة، ووقع في غضب الله دون أن يدري، فكانت عاقبته خسراً.

إن العاصي حين أمره العابد أن يفعل الخير، ونهاه عن المنكر قال له: "خَلّني وربي .. أبُعِثْتَ عليّ رقيباً؟!" ... هنا نلحظ أمرين اثنين:

1. فقد كان المذنب مصراً على الذنب، عاكفاً عليه، متبرّماً من متابعة العابد له بالنصح والمتابعة.

2.  وكان أسلوب العابد في النصح فظاً غليظاً أدّى إلى تحدّي العاصي له. والداعية الناجحُ هيّن ليّن، رفيق بالمذنبين، يعاملهم معاملة الطبيب الحاني مرضاه، فيمسح عنهم تعبهم، ويخفف عنهم آلامهم، فيدخل إلى قلوبهم، وينتزع منهم أوصابهم ( شدة التعب).

احتدّ العابد من إصرار العاصي على ذنبه، فاندفع يُقسم: أنّ الله لن يغفر له، ولن يرحمه، ولن يُدخله الجنّةَ.

 فيقبض الله روحيهما، فاجتمعا عند رب العالمين، ويا خسارة من يغضب الله عليه، إن العابد نزع عن الله صفة الرحمة، وصفة الغفران، حين أقسم أن الله لن يغفر للعاصي.

قال الله لهذا المجتهد: أكنتَ بي عالماً؟ أو كنت على ما في يدي قادراً؟ لأُخيّبَنّ ظنّك، فأنا أفعل ما أشاء.. وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنّة برحمتي.

 إن الناس جميعاً، صالحَهم وطالحَهم، عابدهم وعاصيهم، لن يوفـّوا الله نعمه، وحين يدخلون الجنّة يدخلونها برحمته. قالها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له: حتى أنت يا رسول الله؟ قال: "حتى أنا إلاّ أن يتغمدَنيَ اللهُ برحمته" وقال الله تعالى للآخر(للعابد) المتألّه على الله: اذهبوا به إلى النار. لقد لفظ كلمة أهلكته فدخل النار ولم تنفعه عبادته. راجع رياض الصالحين باب تحقير المسلمين الحديث/ 1210 /.



د.عثمان قدري مكانسي - يكتب :
نقلا عن أمل الأمة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق